الجمعة، 2 سبتمبر 2016

قصائد واشعار
عن العفة والشرف أُحدثكم

صعد أحد الملوك على سطح قصره يوماً
فنظر في البيوت التي تجاوره
فرأى جارية تنشر غسيلها فأعجب بها
فنزل وسأل عنها فقيل له :
إنها زوجة غلامك فيروز !
فبعث إلى غلامه وطلب منه أن يأخذ كتابا ويذهب به إلى أحد الملوك ولا يرجع حتى يأتي بالجواب
فأخذ فيروز الكتاب ثم عاد إلى بيته
وفي الصباح خرج فيروز من بيته متجها إلى لايصال الرسالة
وما كاد يخرج من البيت حتى ذهب الملك إلى بيته وطرق الباب
فقالت المرأة. : من بالباب ؟
قال : أنا الملك سيد زوجك
قالت : وما تريد ؟
قال ويحك أنا الملك
قالت : يا مولاي قد قال القائل قبلنا

سأتركُ ماءَكم من غير وِردٍ
وذاك لكثرة الوَرادِ فيه

إذا سقط الذبابُ على طعامٍ
رفعتُ يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنبُ الأسُودُ ورودَ ماءٍ
إذا كان الكلابُ ولغْنَ فيه

ويرتجعُ الكريمُ خميصَ بطنٍ
ولا يرضى مُساهمة السفيه

وألم تسمع قول القائل :

قُلْ لمن شفّه الغرامُ بنا
وصاحبُ الغدرِ منا غيرُ مصحوب

والله ما قالَ قائلٌ أبداً :
أكلَ الليثُ يوماً فضلة الذيبِ
.

فلما سمعَ الملكُ هذا قفل راجعا يجر أذيال الخيبة !
وبينما هو خارج إذ صادف غلامه فيروز عائداً إلى بيته
لأنه نسي شيئاً فرجع ليحضره
فأخذ فيروز حاجته دون أن يتكلم مع زوجته
وذهب لوجهته وأوصل الكتاب وجاء بالجواب فأكرمه الملك
فعاد لبيته وقال لزوجته : خذي هذا المال والحقي بأهلك
قالت : ولمَ ؟
قال: لأن الملك أكرمنا وأحببتُ أن يرى أهلك فضل الملك علينا
فذهبت لأهلها وطالت إقامتها عندهم ولم يسأل فيروز عنها
ولم يذهب ليحضرها
فجاءه أخوها وقال : يا فيروز إما أن تأخذ زوجتك أو نقاضيك
قال: إنه شئتم القضاء فافعلوا
فذهبوا إلى القاضي وهو في مجلس الملك
فقال أخُ الزوجة :
يا مولاي قد أعطيناه بستاناً جميلَ الأشجارِ
طيب الثمار ... شديد الأسوار
فيه بئر ماؤه عذب
فأعاد البستان وقد استهلك الثمار وكسر الأشجار وخرب البئر وهدم الأسوار

فقال فيروز : والله لقد أعدته أحسن مما كان
قال أخوها : فاسأله لمَ أعاد البستان؟
قال فيروز : يا مولاي قد دخلتُ البستان يوما فوجدت فيه (أثراً) لأسد فخشيتُ أن يفترسني فتركته كرامة له
وكان الملك متكئا فجلس
فقال : يا فيروز إرجع إلى بستانك فوالله ما رأيت أشد من أسواره على أشجاره
وإن الأسد قد دخل ولم يأخذ ثمراً ولا ماء ولا ورقاً
فأرجع فيروز زوجته
والقاضي والحاضرون يظنون أنه موضوع بستانٍ وشجر ٍوأسدٍ

الدرس الاول :
الذي يقضي مع امرأة عمرا ثم لا يمكنه أن يعرف ما يمكن أن تفعل
وما لا يمكن أن تفعل
هو غبي مع مرتبة الشرف
ثمة نساء من العيب أن يساورنا الشك تجاههن
وثمة نساء عليك أن تكون معهن متأهبا لكل شيء
والرجال كذلك !

الدرس الثاني :
غيرة الرجل على امرأته كالملح في الطعام
قليله يُصلح الطعام
وكثيره يفسده
الكثير أعني به أن تشعر المرأة معه أنها موضع شك وريبة
وإلا فالدم يرخص للشرف
ولا يدخل الجنة ديوث

الدرس الثالث :
قالت العرب قديماً :
تموت الحرة ولا تأكل بثدييها
ظروف الحياة قد تضطرك لمهن وأعمال أقل من قدراتك
وقد تجعلك تُعاشر أناسا ما كنت لتقبل بالمرور جانبهم في ظروف عادية
ولكن ثمة أشياء غير قابلة للتنازل
لا تبيحها الظروف مهما قست
ثم كونوا على يقين أنه لا أحد يأخذ من المرأة أكثر مما تقرر هي أن تعطيه
المرأة التي تقرر أن تصون نفسها تفعل وإلا كانت في جيش قوامه ألف رجل
والمرأة التي قررت أن لا تصون نفسها ستفعل ولو كانت بغرفة مقفلة وليس معها إلا جوّال
لهذا بدل أن تحبس امرأة ربّها !
الأخلاق والقيم هي حبس جميل
وأصلب وأمنع من كل جدران العالم.

الدرس الرابع :
اصلح أخطاءك بكل ما أوتيت من قوة
تصرف الملك الأول فيه خسة ودناءة
وتصرفه الثاني فيه أدب وشهامة
الاعتراف بالخطأ واصلاحه
خيرا من التمادي في الباطل
صحيح أن خطأ الملك كان كبيراً
ولكننا نحن البشر مطرزون بالأخطاء كبيرها وصغيرها
ولو كان للذنوب رائحة ما احتمل أحد مجالسة أحد
ولهذا سمى نفسه سبحانه الغفور
لأنه يحب أن تعود إليه
والعودة لا تكتمل إلا باصلاح ما أفسدت
فإن أكلت ميراث أخت أعده
وإن أخذت ما ليس لك أرجعه
الشيطان يُصعب هذه المواقف ويخوفنا بالحرج والفضيحة
فإن الله قد ستر عند المعصية أيفضح عند التوبة
ثم ما زال الناس يُكبرون من اعترف بخطأ
ويُجلون من أعاد حقا
وأن يُقال إن فلانا أرجع الحق لصاحبه
لأفضل من أن يُقال فلان منذ سنوات أكل حق صاحبه

أسعد الله مسائكم وتقبل طاعاتكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق